قرار سعودي بإيقاف زراعة محاصيل محددة للحفاظ على الثروة المائية

نقلا عن جريدة الشرق الاوسط
قرار سعودي بإيقاف زراعة محاصيل محددة للحفاظ على الثروة المائية
وزارة الزراعة لـ«الشرق الأوسط» : صوامع الغلال لن تقبل محصول الشعير الموسم المقبل والحد الأعلى لإنتاج القمح مليونا طن
جدة: موفق النويصر اتخذت وزارتا الزراعة والمياه في السعودية عددا من التدابير المتكاملة لعلاج أزمة المياه في البلاد، تمثلت في ايقاف زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه، والحد من زراعة بعض المنتجات ومنع تصديرها للخارج، والإقلال من استخدام المياه الجوفية في الأغراض الزراعية।

ويأتي الاقدام على هذه الخطوة بعد أن أظهرت الدراسات الميدانية تأثر قطاع الزراعة في السعودية بموجات الجفاف التي شهدتها البلاد في الأربعة أعوام الماضية، والتي أدت إلى تضرر بعض المحاصيل الزراعية ونوعيتها، كما تسببت قلة هطول الأمطار في نضوب المياه في بعض السدود والآبار مع انحسار مساحات كبيرة من الغطاء النباتي، إضافة إلى نفوق أعداد كبيرة من قطعان الماشية.
وأبلغ المهندس عبد العزيز الجديع مدير عام إدارة الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة «الشرق الأوسط»، أن الموسم الحالي يعتبر آخر مواسم محصول الشعير، حيث ستمتنع صوامع الغلال عن استقبال أي كمية منه، وفقا لقرار مجلس الوزراء السعودي.
وبين المهندس الجديع، أن هذا الإجراء لم يقتصر على الشعير فقط، بل تم ابلاغ إدارة الصوامع بعدم استقبال أكثر من مليوني طن من القمح، وهي الكمية التي تحقق الاكتفاء الذاتي للقاطنين في داخل البلاد، مع عدم تصدير الفائض منه أو من بعض المنتجات المستهلكة للمياه إلى الخارج.
وأوضح المسؤول عن الإرشاد الزراعي في الوزارة، أن الوصول إلى نقطة الصفر (رفض استقبال الشعير وتقليص كميات أنتاج القمح)، لم تأت اعتباطا، حيث تم اخطار المزارعين قبل أعوام بضرورة التحول إلى زراعة أنواع أخرى من المنتجات الزراعية، كون الشعير والقمح يستهلكان كميات كبيرة من المياه.
وكانت دراسة حديثة بعنوان «الزراعة العربية 2003» صادرة عن شركة الفنار للنشر في مملكة البحرين كشفت أن موجات الجفاف التي تعرضت لها مختلف المناطق السعودية تسببت في انحسار مساحات كبيرة من الغطاء النباتي في المناطق الشمالية الشرقية والوسطى والجنوبية الغربية ومنطقة ساحل البحر الأحمر.
وتطرقت الدراسة إلى الآثار الاقتصادية التي نجمت عن الجفاف في عدة مجالات منها: استصلاح الأراضي التي تدهورت بسبب الجفاف وصيانة الطرقات التي تتعرض لزحف الرمال، وكذلك صيانة الأجهزة والمعدات التي تتعرض للأتربة، وظهور بعض الأمراض الحيوانية أو النباتية، مما يترتب على ذلك نفقات مادية لعلاجها، وظهور بعض الحشرات الضارة بالنباتات والمحاصيل الزراعية والتربة، ونقص الأيدي العاملة في النشاط الزراعي والرعي بسبب هجرة أصحاب تلك النشاطات إلى المدن، وتدهور القطاع الزراعي القائم على زراعة الفواكه والخضروات والحبوب وغيرها من المحاصيل، مما يؤدي إلى خسائر مادية جسيمة، ويدعو إلى الحاجة لاستيراد النقص الحاصل في المحاصيل الزراعية وقطعان الماشية من خارج البلاد لسد العجز في الانتاج المحلي.
وأوصى التقرير بضرورة زيادة إنشاء السدود من أجل حجز وتخزين مياه السيول وترشيد استخدامها والاستفادة من تلك المياه في الأغراض الزراعية والاستخدام المنزلي أو تحسين المرعى، مع إرشاد المزارعين إلى الطرق الصحيحة المتعلقة بإدارة الموارد المائية الخاصة بالمزارع، وزيادة دعم الرعاة كي لا يهجروا قراهم، وإقرار ضوابط محكمة لمراقبة استهلاك مياه الشرب أو المياه الخاصة بالاستخدامات المنزلية أو الزراعية، مع المحافظة على الغابات الموجودة حاليا وزيادة نموها ومنع عملية الاحتطاب الجائر.
وأوضح التقرير أن وزارتي الزراعة والمياه في السعودية بدأتا مؤخرا في استراتيجية متكاملة وشاملة لعلاج أزمة المياه تمثلت في اتخاذ عدة إجراءات منها: ايقاف زراعة جميع المحاصيل المستهلكة للمياه مثل الشعير والأعلاف ومنع تصديرها إلى الخارج، والاكتفاء بانتاج القمح في حدود الاكتفاء الذاتي، وتطوير الزراعة المعتمدة على المياه المتجددة في مناطق الدرع العربي خاصة، والتي تتميز بمعدل جيد من هطول الأمطار.
واشارت الدراسة إلى أنه بالرغم من سنوات الجفاف التي تعرضت لها السعودية، فإن الانتاج الزراعي حقق نموا ملحوظا بلغ 1.5 في المائة، حيث بلغت قيمة نصيب القطاع الزراعي في الناتج الاجمالي المحلي ما يقارب 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار) أي بنسبة 5.5 في المائة من اجمالي الناتج في عام 2001 والذي بلغ 637 مليار ريال (170 مليار دولار)، الأمر الذي دعا منظمة الأغذية والزراعة إلى أن ترجح تحقيق السعودية اكتفاء ذاتيا في معظم منتجاتها من الخضر والفواكه.
وذكرت الدراسة أنه من أجل دعم استقرار الأسعار في السوق تم تطبيق روزنامة زراعية تشمل السلع التي نجحت السعودية في تحقيق مرحلة متقدمة من الاكتفاء الذاتي منها، والتي تتميز بوفرة وغزارة الانتاج خلال فترات زمنية من العام. كما أورد التقرير العديد من النجاحات التي حققتها السعودية في تنميتها الزراعية، حيث ارتفعت مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي للقطاعات غير البترولية في عام 1970 من 3.7 مليار ريال (987 مليون دولار) إلى نحو 10.3 مليار ريال (2.75 مليار دولار) في موسم 2001/2000، لتصل البلاد إلى الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الزراعية الغذائية الهامة مثل: القمح والتمور والبيض والألبان ومشتقاتها وبعض الخضروات والأعلاف.
وحققت التنمية الزراعية في السعودية معدلات نمو عالية قفزت بالناتج الزراعي من 994 مليون ريال (265 مليون دولار) في عام 1970 إلى 34.6 مليار ريال (9.2 مليار دولار) في 2000/2001، بمعدل نمو سنوي بلغ متوسطه 7.5 في المائة، وهذا المعدل عال جدا ويفوق نظيره في كثير من الدول النامية وبعض الدول المتقدمة.
وقالت الدراسة انه رغم ما يحققه القطاع الزراعي من إسهام في تحقيق أمن غذائي وما يساهم به من دعم للدخل القومي وقيام مشاريع متخصصة، إلا أن القطاع يواجه معوقات تتطلب إيجاد السبل لحلها، من أهمها بحسب الدراسة مشكلة الجفاف التي شهدتها البلاد، ومشكلة التسويق الزراعي، وسبل مكافحة الإغراق بالأسواق الزراعية المحلية، والدور المتوقع أن يؤديه جهاز الإغراق المزمع إنشاؤه في الفترة المقبلة لمواجهة هذه الظاهرة الضارة، وإثبات حالات الإغراق التي تحدث من قبل المنتجات المنافسة للمنتجات الوطنية.
وذكر التقرير أن أحد محاور الخطة التسويقية للزراعة في السعودية للسنوات الخمس والعشرين المقبلة موضوع التسويق الزراعي ومشاكله، بالإضافة إلى دراسة ايجاد تركيب محصولي مثالي على مستوى المناطق المختلفة في السعودية والتصنيع الزراعي للاستفادة من فوائض الانتاج، كما تناولت محاور الخطة انضمام السعودية لمنظمة التجارة وتأثير ذلك على القطاع الزراعي.
المصدر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليقك لأته يهمنا